الشرفاء السباعيون الأدارسة

من طرف الصقرالهاشمي السبت نوفمبر 10, 2012 1:24 am

بسم الله الرحمن الرحيم

الشرفاء السباعيون الأدارسة

بقلم : عبدالله حافيظي السباعي الإدريسي
الأمين العام للرابطة العالمية للشرفاء الأدارسة

- السيد المرشد العام للرابطة العالمية للشرفاء الأدارسة
- السيد رئيس المجلس العالمي للرابطة العالمية للشرفاء الأدارسة
- السادة أعضاء المجلس العالمي للرابطة العالمية للشرفاء الأدارسة
- السادة العلماء الأجلاء
- أيها الحضور الكريم
من المعروف تاريخيا أن المولى إدريس الأكبر بن عبد الله الكامل بن الحسن المثنى بن الحسن السبط بن علي بن أبي طالب ـ كرم الله وجه ـ وفاطمة الزهراء بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم .
إستقر بالمغرب سنة 172هـ مصحوبا بخادمه راشد بعد أن أنجاه الله من القتل في معركة فخ سنة169هـ، فنزل ضيفا عند عبد الحميد الأوربي بمدينة وليلي ، فقدمه إلى أفراد قبيلته وحاشيته ، وحثهم على مبايعته والانقياد إلى أوامره باعتباره من آل البيت النبوي الطاهر، فبايعوه أميرا عليهم ، وعاهدوه على الطاعة والحماية ونشر الدعوة الإسلامية الصحيحة، وزوجه عبد الحميد ابنته كنزة البربرية تقربا إليه وإكراما، وهكذا تأسست أول دولة مستقلة بالمغرب عن الخلافة العباسية في الشرق هي 'الدولة الإدريسية'على يد مؤسسها المولى إدريس الأكبر ابتداء من سنة 172هـ/789م. فتوافدت عليه القبائل للدخول في طاعته، والتقرب إلى الله بمصاحبته والجهاد تحت رايته ... فحارب الفرق الضالة والقبائل المناوئة ووحد الأمة، ووطد أركان الدولة وسلطتها على معظم الأقاليم المغربية بل وصل نفوذه إلى تلمسان بالجزائر التي أسس بها مسجدا... وهكذا أخذ نجم دولته في التبلور والصعود، فتوجس العباسيون منه خيفة،وأخذتهم منه رهبة؛ فقرروا اغتياله وتآمروا عليه لذا أرسلوا لهذه الغاية سليمان بن جرير الشماخ وكان داهية، فتقرب بالتدريج من المولى إدريس مظهرا له الوفاء والإخلاص والنصح إلى أن سنحت له الفرصة فقدم له قارورة عطر مسمومة كهدية اصطحبها معه من المشرق.. فلما استنشقها المولى إدريس انتقل إلى الرفيق الأعلى سنة 177هـ/893م. تاركا زوجته كنزة حاملا في شهرها السابع، فاتفق أهل الرأي على أن يتولى الوصاية راشد خادم المولى إدريس في انتظار وضع السيدة كنزة، وبعد شهرين من ذلك وضعت مولودا ذكرا شبيها بأبيه فسمي المولى إدريس الثاني. فاهتم راشد بتربيته وتعليمه علوم الشريعة والعقيدة والأدب والفروسية والرماية ، فنبغ في كل ذلك .. ولما بلغ الحادية عشرة من عمره بويع خليفة على المسلمين سنة 188هـ/803م. فتابع سيرة والده في العدل بين الرعية ، وتثبيت أركان الدولة وقاتل كل الخارجين عليه من مختلف القبائل والفرق ولما كثر أتباعه وضاقت به مدينة زرهون أسس مدينة فاس واتخذها علصمة لملكه .. وعرف المغرب في عهده نوعا من الاستقرار والنماء إلى أن اغتيل بدوره سنة 213هـ/ 828م. فخلف إثني عشر ولدا ذكرا ينحد منهم كل الأشراف الأدارسة في العالم، وهم أسر كثيرة وتحت مسميات عديدة، ذكرهم بتفصيل النسابة أحمد بن محمد العشماوي في كتابه التحقيق في النسب الوثيق حين قال: أول ذريتهم الكريمة هو جرمون والسقفيون وبنو ميمون وبنو وارتدغير وبنو حرمة والخرشفيون والسراغنة وبنو حمزة وبنووكيل إلى أن يقول و'البدويون'.. والبدويون هؤلاء هم الأسرة الإدريسية التي ينتسب إليها جد الأشراف السباعيين موضوع هذه المداخلة .
وعن نسب هذه الأسرة يقول البكري: " وأما البدويون فجدهم اسمه محمد بن عبد الله بن مسعود بن الحسن بن سليمان بن إبراهيم بن عيسى بن محمد بن إدريس بن إدريس بن عبد الله بن حسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب ـ رضي الله عنه(. الأنس ص34)
أيها السادة إن التركيز على العشيرة السباعية في هذه المداخلة ليس من قبيل الأثرة أو المفاضلة أو التعصب بل اخترناها كنموذج لباقي تركيبة الأسر الإدريسية المنتشرة عبر العالم، وميزة هذه العشيرة وخصوصيتها أنها تنحدر من صلب رجل واحد معروف ، وأن أبناءها حرصوا على توثيق أنسلبهم والاحتفاء بتاريخ وسير أعلامهم من صلحاء وعلماء، وسادة ومجاهدين وقادة ومفكرين ضمن مؤلفات أسرية خاصة وكتب مناقب وتراجم، وضمن مشجرات تفرعاتهم وظهائر وقصائد وأنظام ، مما يسهل على الباحث الغوص في مآثر هذه العشيرة الإدريسية العريقة.
هناك ميزة أخرى وهي أن جدهم عامر الهامل أبي السباع لم يكن رجلا عاديا كباقي الرجال بل كان رجل علم وزهادة، وسياحة وتصوف وعبادة، ولقد بلغ رتبة عالية من الولاية والصلاح وهي القطبانية بل كان وتدا من الأوتاد كما يقول الشيخ ماء العينين : فلا غرابة بعد هذا إن وجدنا طفرة من الصلحاء والعلماء العارفين المنحدرين من صلبه، وهم منتشرون في القارات المعروفةعلى وجه الأرض وسنلمح إلى بعضهم في مرحلة لاحقة بحول الله
فالجد الجامع للعشيرة السباعية هو عامر الهامل المكنى بأبي السباع. بن حريز بن محروز بن عبد الله بن إبراهيم بن إدريس بن محمد بن يوسف بن زيد بن عبد النعيم بن عبد الواسع بن عبد الدايم بن عمر بن زروق بن عبد الله بن عمر بن سعيد بن عبد الرحمان بن سالم بن عزوز بن عبد الكريم بن خالد، بن سعيد بن عبد الله بن زيد بن رحمون بن زكرياء بن عامر بن محمد بن عبد الحميد بن محمد بن عبد الله بن سيدي محمد بن مولاي إدريس الأزهر بن مولاي إدريس الأكبر بن مولانا عبد الله الكامل بن مولانا الحسن المثنى بن مولانا الحسن السبط بن سيدنا علي ـ كرم الله وجهه ـ وفاطمة الزهراء بنت سيدنا ومولانا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
ولد المولى إدريس الثاني بمدينة وليلي منتصف القرن السابع الهجري وبها ترعرع وتعلم علمي الشريعة والحقيقة حتى تفوق فيهما ، وزهد في الدنيا وانقطع للعبادة في الخلوة شهورا وأعواما حتى بدت عليه علامات الولاية، ثم اشتغل بنشر العلم والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إلى أن وصل إلى درجة القطبانية ..يقول عنه العلامة الحسن البعقيلي في كتابه: (تبيين الأشراف) ما ملخصه ": توجه عامر الهامل مع والده حريز لأداء فريضة الحج وأثناء عودتهما مكثا بتلمسان بالجزائر سنتين، ومن هناك توجها إلى طاطا فنزلا بمكان يطلق عليه ' تَلْتُرْك'(1) ثم انتقلا منه إلى تامَدُّولْتْ أوقا(2) التي مكثا بها سنين إلى أن استشهد فيها حريز في حرب الأدارسة ضد الطاغية علي المنصاكي ودفن هناك وقبره مزارة مشهورة، وكان ذلك الزمان العمران قليل، فانتقل عامر إلى إلى بلاد تامنارْتْ(3)فاشترى فيها ملكا ، كما اشترى أرضا تسمى الفائجة(4) وبقيت تعرف بفائجة أبي السباع، ثم انتقل إلى الجهة الغربية بمكان يسمى 'واركزيز' (5) به ربوة عالية بنى فيها مسجدا وخلوة ، ومكث بها زمنا يعبد الله حتى قدم عليه جنود من بني حسان ناهضين فأرادوا اغتصاب ما لديه من مال. فسلط الله عليهم السباع ـ كرامة لعامر الهامل ـ ففزعوا وأخذوا يستنجدون به ويصيحون : ' يا أبا السباع خذ عنا سباعك ونحن تائبون' وانسحبوا فارين، ومنذئذ كني بأبي السباع .. وبعدها انتقل إلى جبال الأطلس الجنوبية حيث توفي هناك ودفن بأعلى جبل صعب المسالك يتطلب الوصول الضريح حوالي أربع ساعات من التسلق الصعب ويدعى هذا الجبل 'أضاض مدن' ويقع شرق مدينة تيزنيت ، وبقي ضريحه مزارة عظيمة تفد إليه جموع الزوار من كل حدب وصوب ..ترك عامر الهامل ثلاث بنات و ثلاثةأولاد هم : أعمر وعمران ومحمد النومر، وضريحهم مشهور بوادي نون بجماعة لقصاب قرب مدينة كلميم ،ومن صلب هولاء الأبناء الثلاثة تنتشر القبيلة السباعية أساسا بالمغرب وموريتانيا والجزائر وليبيا وسوريا والمملكة العربية السعودية ومصر واليمن ، ولها تفرعات في باقي العالمين العربي والإسلامي.. وقد شهد لهم فحول العلماء وكبار المفكرين قديما وحديثا بعلو كعبهم في الشجاعة ومكارم الأخلاق نذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر:
ـ قطب الأقطاب الشيخ سعد أبيه بن الشيخ محمد فاضل(ت.1335هـ/1917م.) الذي خصهم بمِؤلف قيم سماه[ تقريط الأسماع بالذب عن بغض أبناء أبي السباع ] بين فيه ما يترتب عن بغض أبناء أبي السباع والإساءة إليهم بأي وجه من مآس وعواقب دنوية وأخروية.
ـ أحمد الشيباني الإدريسي مؤلف كتاب (مصابيح البشرية في أبناء خير البرية ) حلاهم بالآتي: ' الشرفاء السباعيون معروفون بالتواتر عند علماء الأنساب و والإجماع حاصل فى شرف محتداهم وطيب عنصرهم، وينتسبون إلى أبي السباع دفين جبال ' أضاض مدن'(...) أصلهم من الصحراء المغربية ، وانتقلوا منها إلى سوس ثم إلى حوز مدينة مراكش بسيدي المختار ، وتاريخهم على مر العصور حافل بفطاحل العلماء، المجاهدين الذين أبلوا البلاء الحسن في الدفاع عن حوزة الإسلام ، ولا يخضعون للتعسف والهزيمة والعار ، تلك هي الطبيعة التي جبلوا عليها ،سواء في الصحراء أو سوس أو سيدي المختار أو في تالسينت الواقعة على طريق الريش..
ــ العلامة أحمد بن الأمين الشنقيطي مؤلف الوسيط في تراجم أدباء شنجيط] الذي قال عنهم: ' وأما أولادأبي السباع فثلاث فرق: فرقة منهم في حوز مراكشن وأخرى في سوس، وأخرى في تيرس وهذه الفرقة هي التي حاربت ( كنتة) وكانوا ـ أي أولاد أبي السباع ـ يتحملون الأمور التي تبدو لهم منهم ــ يقصد بيعتهم الشرعية لملوك المغرب..
ــ الدكتور حمداتي شبيهنا ماء العينين في مؤلفه [قبائل الصحراء المغربية] فقال عنهم:
" إن شمائل السباعيين أكثر من أن تحصى في فقرات كهاته.. فإذا ذكر العلم فهم حفاظه وأساتذته، وإذا ذكر الجهاد فهم أبطاله، وإذا ذكر الشعر فهم رواته ومنشئوه، وإذا ذكر الاقتصاد فهم مديروه وتجاره، ، ففيهم كرم النفوس وبذل الأموال، وإباء الضيم، والتمسك بقيم الإسلام، .. جعل لله ذلك مستمرا فيهم إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها " وأقوال العلماء في هذا الباب لا تحصى ، وشهاداتهم على ما لهؤلاء الأشراف من فضائل ومناقب لا تستقصى. وقد نبغ منهم أعلام متميزون وعلماء عاملون مبرزون ، نحيل لمن أراد التعرف عليهم بتفصيل إلى كتاب " الأنس والإمتاع في أعلام الأشراف أولاد أبي السباع " الطبعة الثانية لمؤلفه ذ. صالح بن بكار السباعي
ونذكر في الأخير أن الرابطة العالمية للشرفاء السباعيين قامت بتنظيم رحلات علمية تواصلية بين الأشراف السباعيين على مدى عقدين من الزمان داخل المغرب وخارجه، وقد وثقت تلك الرحلات في كتاب اسمه ' المواكب النورانية في لطائف الرحلات السباعية ' ونأمل أن يساهم المثقفون والمؤطرون السباعيون الأدارسة بخبراتهم الجمعوية في تنشيط وتوثيق أنشطة رابطتنا الكبرى الجامعة لكل الأدارسة .. أقصد : الرابطة العالمية للشرفاء الأدارسة وفق الله الجميع لما فيه الفلاح والنجاح في الدارين والسلام...
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــ
1) مكان به بقايا بنايات ومقابر قديمة بين طاطا و أقا
2) مدينة أثرية بمنطقة درعة الوسطى ينسب تأسيسها لعبد الله بن غلمولى إدريس
3) منطقة تاريخية توجد ما بين تمنارت وجبل باني بإقليم طاطا
4) منطقة منخفضة توجد ما بين تمنارت وجبل باني إقليم طاطا
5) منطقة جبلية صحراوية تقع بإقليم أسا الزاك

الأحد	الإثنين	الثلاثاء	الأربعاء	الخميس	الجمعة	السبت
			1	2	3	4
5	6	7	8	9	10	11
12	13	14	15	16	17	18
19	20	21	22	23	24	25
26	27	28	29	30	31